في وقت تسعى فيه تركيا جاهدة الى الالتحاق بركب الاتحاد الاوروبي والانخراط فيه مذللة بذلك العقوبات الموضوعة امامها في هذا المجال، تشن حملة مستعرة ضد كل ما يتصل بالموروث الغربي وتضع الاسوار الشائكة امام الحريات الفردية وتوجه الضربات المتتالية الى كل مظاهر العلمانية والحداثة.
فتركيا الدولة العلمانية وفقا لما ينص عليه دستورها تطلب ود اقتصاد الغرب وتلفظ عادته وسلوكه، مما جعل البعض يراها مفارقة تدعو للتساؤل والتعجب.
وشهدت انقرة السبت مظاهرة بـ"القُبل" بعد مطالبة إدارة شبكة الانفاق في أنقرة، مستخدمي المواصلات العامة، احترام القيم والقواعد الأخلاقية وذلك بتحاشي إبداء عواطف حميمة على الملا.
وعندما بدأ المتظاهرون يتبادلون القبلات تعبيرًا عن تضامنهم مع الشابين هاجمت مجموعة من عشرين شخصًا يرددون "الله اكبر" بالسكاكين بعض المتظاهرين رغم انتشار الشرطة فأصابوا شابًا بجروح نقل إثرها إلى المستشفى.
وأصيب شخص بجروح عندما هاجمت مجموعة من الإسلاميين بالسلاح الأبيض تجمعا لشبان اتراك يقبلون بعضهم البعض في بادرة غير معهودة السبت في أنقرة، حسبما أفادت الصحف التركية الأحد.
وقام نحو مائة شخص بتبادل القبل لعدة دقائق بمحطة مترو الانفاق فيما حمل البعض منهم لافتات كتب عليها "قبّل بالمجان".
ورددوا شعارات مناهضة للقرار الذي دفع بنائب من حزب تركي معارض سؤال الحكومة الإسلامية، التي يتخوف علمانيون من توسعها في تطبيق الإسلام في تركيا، إذا ما كان يحق للقائمين على إدارة المحطة فرض مثل هذه المطالب.
وتأتي "تظاهرة القبل" بعد تحذيرات صادرة عن محطة لقطارات الانفاق في أنقرة تطلب من الركاب "التصرف بموجب القواعد الأخلاقية" بعد أن أظهرت كاميرات المراقبة صوراً لشبان يتصرفون بطريقة اعتبرت "غير اخلاقية".
وفي المقابل، تجمع عدد من الشبان المناصرين لحزب العدالة والتنمية الحاكم في مسعى لمنع الآخرين من تبادل القبل، وعملت الشرطة على الفصل بين الطرفين.
وتربع الإيطاليون في وقت سابق على عرش الرجال الأمهر بتبادل القبلات، وفقاً لاستطلاع للرأي بروما.
وحصل الإيطاليون في هذا الاستفتاء الطريف على 28 بالمائة من أصوات الفتيات، جاء خلفهم منافسيهم الفرنسيين بنسبة 17بالمائة، لتكون البرونزية في هذه القائمة من نصيب الإسبان بنسبة 13 بالمائة.
16بالمائة من الشعب التركي تحت خط الفقر
وتعاني تركيا من تدهور الاوضاع الاجتماعية، غير انها تحول وجهة الشعب الى الاهتمام بالقضايا ذات الابعاد الدينية والاخلاقية في المقام الاول كالعمل على اقحام الحجاب في المعاهد وسن قانون يفرض بيع الخمور واستهلاكها والدعاية لها...
وأعلن معهد الإحصائيات التركية أن 16.1بالمائة من الشعب التركي يعيشون تحت خط الفقر، وذلك بحسب دراسة أجراها المعهد حول ظروف الدخل والمعيشة في تركيا خلال عام 2011.
وكشف تقرير قديم لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي أن نسبة عدد الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر في تركيا تبلغ 24.6 بالمائة.
وارتفعت نسبة البطالة في تركيا إلى مليونين و790 ألف شخص خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2012 بزيادة 24 ألف شخص مقارنة بالفترة نفسها من عام 2011.
وغالبا ما تتهم حكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان التي تتولى السلطة منذ اكثر من عقد بالسعي الى جعل البلاد اكثر تدينا.
وكان اردوغان وهو مسلم ملتزم لا يشرب ولا يدخن صرح مؤخرا ان العيران هو "المشروب الوطني" في تركيا.
واقر البرلمان التركي الجمعة قانونا مثيرا للجدل يحد من استهلاك المشروبات الكحولية والدعاية لها في هذا البلد الذي يشكل المسلمون غالبية سكانه.
ويحظر القانون على شركات بيع الكحول ان ترعى اي نشاطات. كما يحد من الاماكن التي يمكن استهلاك مثل هذه المشروبات فيها. ويمنع بيع الكحول بين العاشرة مساء والسادسة صباحا.
ويقول مؤيدي القانون الذي طرحه حزب العدالة والتنمية الحاكم والمنبثق من التيار الاسلام، ان الهدف منه حماية المجتمع خصوصا الاطفال من اضرار الكحول.
الا ان معارضي القانون يرون فيه مؤشرا على تزايد الاتجاه المحافظ في البلاد العلمانية، ويعتبرون انه يشكل تدخلا في الحياة الخاصة.
ورفعت تركيا في وقت سابق حظر الحجاب في مدارس التعليم الديني في خطوة أثارت انتقاد العلمانيين الذين اعتبروها دليلا جديدا على سعي الحكومة لتنفيذ جدول أعمال إسلامي.
وقال معهد الإحصاءات التركي إن المرأة التركية تشعر بمزيد من الخوف بشأن أمنها سواء في المنزل أو الشارع مقارنة بالرجل التركي وتراجع كبير لحقوقها.
وذكر المعهد في تقريره الذي أوردته وكالة "الأناضول" التركية للأنباء أن 34بالمائة من النساء في تركيا قلن إنهن يشعرن بعدم الأمان في الشوارع وذلك مقابل 12بالمائة من الرجال الذين شملهم الاستطلاع. واشتدت مخاوف العلمانيين في 2012، عندما قال اردوغان إنه يسعى لتربية "نشء متدين"، وطرح حزب العدالة والتنمية الذي يتولى السلطة منذ عشر سنوات، إصلاحات لنظام التعليم تعزز دور المدارس الدينية. وانتقد اتحاد العاملين في قطاع التعليم في وقت سابق الإجراء الخاص بالزي المدرسي الموحد والحجاب. وقال الاتحاد في بيان "تغيير قواعد الزي مهم لأنه يبين لنا إلى أي مدى بعيد يجري تحويل التعليم إلى تعليم ديني". وكانت إدارة شركة الخطوط التركية عمدت مؤخراً إلى تعيين المئات من خريجي المعاهد الدينية في الشركة كمضيفين وموظفي مكاتب في المطار، وطرد عدد كبير من العاملين اليساريين والعلمانيين بحجة أنهم قاموا بإضراب عن العمل يخالف لوائح قوانين العمل في الشركة. ومنعت الشركة تقديم المشروبات الكحولية على الطائرة في الرحلات الدولية بعد منعه سابقا في الرحلات الداخلية. واحتدم اجدل بعد اتهام جهات في المعارضة لإدارة الشركة التي عينتها حكومة رجب طيب أردوغان، ذات الجذور الاسلامية، "بأسلمة" الشركة وسيطرة الإسلاميين عليها. وقالت الناقلة التركية في وقت سابق إن وضع أحمر الشفاة وطلاء الأظافر باللون الأحمر أو الوردي الداكن من شأنه إفساد "التناغم البصري" بالنسبة للمضيفات. وافاد الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية التركية الخميس إنها لن تمنع المضيفات على متن رحلاتها من وضع أحمر شفاة أو طلاء أظافر باللون الأحمر الفاقع بعد انتقادات من أتراك علمانيين قلقين من تبني تركيا توجها إسلاميا بشكل زائد.
Top
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق