يقول ابن تيمية في رسالة "زيارة القبور" :
" لم يذكر أحد من أئمة السلف أنّ الصلاة عند القبور وفي مشاهدها مستحبة، ولا أنّ الصلاة والدعاء أفضل منها في غيرها، بل اتفقوا كلّهم على أنّ الصلاة في المساجد والبيوت أفضل منها عند قبور الاَنبياء " (1).
هذا كلام ابن تيمية ومن حذى حذوه من الوهابية؛ فنقول:
إنّ مادلَّ على جواز الصلاة والدعاء في كل مكان يدل بإطلاقه على جواز الصلاة، والدعاء عند قبر النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم وقبور سائر الاَنبياء والصالحين أيضاً، ولايشك
في الجواز من له أدنى إلمام بالكتاب والسنّة، وإنّما الكلام هو في رجحانها عند قبورهم فنقول في هذا المجال:
إنّ إقامة الصلاة عند تلك القبور لاَجل التبرّك بمن دفن فيها وهذه الاَمكنة مشرفة بهم وقد تحقّق شرف المكان بالمكين، وليست الصلاة ـ في الحقيقة ـ إلاّ للّه تعالى لا للقبر ولا لصاحبه، كما أنّ الصلاة في المسجد هي للّه أيضاً، وإنّما تكتسب الفضيلة بإقامتها هنا لشرف المكان، لا أنّها عبادة للمسجد، فالمسلمون يصلّون عند قبور من تشرفت بمن دفن فيها لتنالهم بركة أصحابها الذين جعلهم اللّه مباركين، كما يصلّون عند المقام الذي هو «حَجَر» شُرّف بملامسة قدمي إبراهيم الخليل لها قال سبحانه:
(واتّخِذُوا مِنْ مَقامِ إبْراهيمَ مُصَلّى...)(البقرة ـ 125)
فليس لإتخاذ المصلّى عند ذلك المقام الشريف سبب إلاّ التبرّك بقيام إبراهيم ـ ع ـ عليه، وهم يدعون اللّه عند القبور لشرفها بمن دُفِن فيها فيكون دعاؤهم عندها أرجى للاِجابة وأقرب للاستجابة، كالدعاء في المسجد أو الكعبة أو أحد الاَمكنة، أو الاَزمنة التي شرفها اللّه تعالى.
والحاصل أنّه يكفي في جواز الصلاة الإطلاقات والعمومات الدالّة على أنّ الاَرض جُعِلت لاَُمة محمد مسجداً وطهوراً.
وأما الرّجحان فللتبرّك بالمكان المدفون فيه النبي أو الولي ذي الجاه عند اللّه، كالتبرّك بمقام إبراهيم.
أفلا يكون المكان الذي بورك بضمّه لجسد النبي الطاهر، مباركاً، مستحقاً لاَن تستحب عنده الصلاة وتندب عبادة اللّه فيه.
والعجب أنّ ابن القيم جاء في كتابه "زاد المعاد" بما يخالف عقيدته، وعقيدة أُستاذه ابن تيمية إذ قال:
" إنّ عاقبة صبر هاجر وابنها على البعد والوحدة، والغربة والتسليم إلى ذبح الولد آلت إلى ما آلت إليه من جعل آثارهما، ومواطىَ أقدامهما مناسك لعبادة الموَمنين، ومتعبدات لهم إلى يوم القيامة وهذه سنته تعالى فيمن يريد رفعه من خلقه" (2) فإذا كانت آثار إسماعيل وهاجر لأجل ما مَسَّها من الاَذى مستحقة لجعلهما مناسك ومتعَبّدات، فآثار أفضل المرسلين، الذي قال: "ما أُوذي نبيّ قط كما أُوذيت" لاتستحق أن يُعبد اللّهُ فيها، وتكون عبادة اللّه عندها، والتبرّك بها شركاً وكفراً؟؟
كيف وقد كانت عائشة ساكنة في الحجرة التي دُفِن فيها النبي، وبقيت ساكنة فيها بعد دفنه ودفن صاحبيه، وكانت تصلّي فيها، وهل كان عملها هذا عبادة لصاحب القبر ياترى؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1)زيارة القبور: 159 ـ 160
(2) زاد المعـاد في هَدْي خير العباد، طبعة البابي الحلبي، مصر، مراجعة طه عبـد الروَوف طه عام 1390هـ ـ 1970م.
" لم يذكر أحد من أئمة السلف أنّ الصلاة عند القبور وفي مشاهدها مستحبة، ولا أنّ الصلاة والدعاء أفضل منها في غيرها، بل اتفقوا كلّهم على أنّ الصلاة في المساجد والبيوت أفضل منها عند قبور الاَنبياء " (1).
هذا كلام ابن تيمية ومن حذى حذوه من الوهابية؛ فنقول:
إنّ مادلَّ على جواز الصلاة والدعاء في كل مكان يدل بإطلاقه على جواز الصلاة، والدعاء عند قبر النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم وقبور سائر الاَنبياء والصالحين أيضاً، ولايشك
في الجواز من له أدنى إلمام بالكتاب والسنّة، وإنّما الكلام هو في رجحانها عند قبورهم فنقول في هذا المجال:
إنّ إقامة الصلاة عند تلك القبور لاَجل التبرّك بمن دفن فيها وهذه الاَمكنة مشرفة بهم وقد تحقّق شرف المكان بالمكين، وليست الصلاة ـ في الحقيقة ـ إلاّ للّه تعالى لا للقبر ولا لصاحبه، كما أنّ الصلاة في المسجد هي للّه أيضاً، وإنّما تكتسب الفضيلة بإقامتها هنا لشرف المكان، لا أنّها عبادة للمسجد، فالمسلمون يصلّون عند قبور من تشرفت بمن دفن فيها لتنالهم بركة أصحابها الذين جعلهم اللّه مباركين، كما يصلّون عند المقام الذي هو «حَجَر» شُرّف بملامسة قدمي إبراهيم الخليل لها قال سبحانه:
(واتّخِذُوا مِنْ مَقامِ إبْراهيمَ مُصَلّى...)(البقرة ـ 125)
فليس لإتخاذ المصلّى عند ذلك المقام الشريف سبب إلاّ التبرّك بقيام إبراهيم ـ ع ـ عليه، وهم يدعون اللّه عند القبور لشرفها بمن دُفِن فيها فيكون دعاؤهم عندها أرجى للاِجابة وأقرب للاستجابة، كالدعاء في المسجد أو الكعبة أو أحد الاَمكنة، أو الاَزمنة التي شرفها اللّه تعالى.
والحاصل أنّه يكفي في جواز الصلاة الإطلاقات والعمومات الدالّة على أنّ الاَرض جُعِلت لاَُمة محمد مسجداً وطهوراً.
وأما الرّجحان فللتبرّك بالمكان المدفون فيه النبي أو الولي ذي الجاه عند اللّه، كالتبرّك بمقام إبراهيم.
أفلا يكون المكان الذي بورك بضمّه لجسد النبي الطاهر، مباركاً، مستحقاً لاَن تستحب عنده الصلاة وتندب عبادة اللّه فيه.
والعجب أنّ ابن القيم جاء في كتابه "زاد المعاد" بما يخالف عقيدته، وعقيدة أُستاذه ابن تيمية إذ قال:
" إنّ عاقبة صبر هاجر وابنها على البعد والوحدة، والغربة والتسليم إلى ذبح الولد آلت إلى ما آلت إليه من جعل آثارهما، ومواطىَ أقدامهما مناسك لعبادة الموَمنين، ومتعبدات لهم إلى يوم القيامة وهذه سنته تعالى فيمن يريد رفعه من خلقه" (2) فإذا كانت آثار إسماعيل وهاجر لأجل ما مَسَّها من الاَذى مستحقة لجعلهما مناسك ومتعَبّدات، فآثار أفضل المرسلين، الذي قال: "ما أُوذي نبيّ قط كما أُوذيت" لاتستحق أن يُعبد اللّهُ فيها، وتكون عبادة اللّه عندها، والتبرّك بها شركاً وكفراً؟؟
كيف وقد كانت عائشة ساكنة في الحجرة التي دُفِن فيها النبي، وبقيت ساكنة فيها بعد دفنه ودفن صاحبيه، وكانت تصلّي فيها، وهل كان عملها هذا عبادة لصاحب القبر ياترى؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)زيارة القبور: 159 ـ 160
(2) زاد المعـاد في هَدْي خير العباد، طبعة البابي الحلبي، مصر، مراجعة طه عبـد الروَوف طه عام 1390هـ ـ 1970م.
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق