الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وما كان معه من إله الذي لا إله إلا هو فلا خالق غيره ولا رب سواه المستحق لجميع أنواع العبادة ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا ند له ولا ضد له ولا والد له ولا زوج له ولا ولد له:{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1)اللَّهُ الصَّمَدُ(2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4)}.وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله البشير النذير السراج المزهر المنير خير الأنبياء مقاماً وأحسن الأنبياء كلاماً لبنة تمامهم ومسك ختامهم رافع الإصر والأغلال الداعي إلى خير الأقوال والأحوال والأعمال الذي بعثه ربه جل وعلا بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فختم به الرسالة وعلم به من الجهالة وهدى به من الضلالة وفتح به أعين عمياً وآذاناً صُماً وقلوب غلفى وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين 1- النفس الأمارة بالسوء :هي بمثابة المرحلة الأولى التي تكابدها عند الشروع في محاولة إطلاق طائرة ورقية على أحد السواحل .. إن المرحلة الأولى لتمثل أصعب المراحل على الإطلاق .. وتتطلب من الصبر عليها ما تتطلب .. لأن اليأس من صعود الطائرة في تلك المرحلة يعني اليأس منها بالكلية ، وبالمثل فإن اليأس من إصلاح النفس في مرحلتها الأولى يعني اليأس منها بالكلية كذلك .. لذا تتطلب هذه المرحلة وهذه الدرجة من النفوس الصبر الطويل .. والعمل المديد .. والمحاولة تلو المحاولة .. لأنها أصعب مراحل التغيير ، فلربما ارتفعت النفس قليلا مع رياح الإيمان الحانية في موسم من مواسم الطاعة بالقدر الذي يظن الناظر أنها قد استقامت على الجادة ، وأنها أخذت درب الصباح طريقا ومنهاج الفلاح سبيلا .. فتتهلل الأسارير .. وتقل المتابعة والتعهد .. فإذا بالنفس تغافل صاحبها وتنتكس مرة أخرى بما يزين لها شياطين الإنس والجن من معاصٍ ، كما تفعل الطائرة تماما بتمام ، دون مقدمات محسوسة أو مؤشرات منظورة ، فتعود إلى سالف عهدها محبة للشهوات والملذات من حلال أو حرام .نعم تغافل النفس صاحبها ، بوساوس من الشيطان ، وتنتكس على عقبيها لتعود إلى سالف عهدها ، محبة للشهوات ، حريصة على الملذات ، تعود إلى جواذب الأرض بعد أن بدأت تحلق بها الروح للحظات في السماء .. إنها لحظات من الزمان ولكنها لحظات لا تنسى . وهنا نؤكد ثانيا أن اليأس من صعود الطائرة مرة أخرى بعد انتكاسها يعني اليأس منها بالكلية ، لذا لابد من المحاولة تلو المحاولة .. وانتهاز كل فرصة تهب فيها رياح الإيمان الحانية لتتخلص الطائرة من جواذب الأرض .. والنفس من الشهوات والملذات .فإن ظل الأمل في الصعود ، والإقلاع من جديد بعيدا عن جواذب الأرض ، بالمحاولة تلو المحاولة معقودا .. فإن يوم الخلاص لابد أن يلوح في الأفق القريب ، فتتخلص النفس منفلتة من جواذب الشهوات لتحلق بها الروح في أجواء الإيمان مرة أخرى بعيدا عن الآفات والمعاصي .2- النفس اللوامة :وبهذا تكون النفس قد بدأت تنتقل من طور إلى طور ومن مرحلة إلى أخرى . تنتقل من نفس أمارة بالسوء ، تأمر صاحبها بالسوء من كثرة إلفها بالمعاصي نتيجة البرمجه السلبية عبر المدخلات الخطأ بتزيين من شياطين الإنس والجن على حد سواء ، إلى نفس لوامة لصاحبها تنادي فيه وتستصرخه : لماذا تفعل هذا ؟؟ لماذا تمنعني مما لذ وطاب ؟؟ لماذا تمنعني فما أردت إلا متعتك أنت ، وما أردت إلا الخير كل الخير لك ؟؟ !! فلماذا تفعل بي ذلك ؟؟ أنت تحب الشهوات وأنا أميل إليها .. فلماذا تتركها لغيرها ؟؟لماذا تتمنع عنها وأنت ترغب فيها ؟؟ ولماذا تجاهد رغبتي فيها ، ولا تجب دعوتي إليها ؟؟ إن النفس في هذه الحالة لهي نفس لوامة .. تلوم صاحبها المرة تلو المرة ، على عدم الاستجابة لندائها ، فإن استمر الإنسان في الترقي بها دون الإصغاء إلى تلك الصرخات ؛ أخذت الطائرة في التحليق عاليا بعيدا عن جواذب الأرض وآفاتها ، للدرجة التي تليها من درجات النفس اللوامة وهي أن تلوم صاحبها أيضا ، ولكنها تلومه في هذه الحالة بلوم مختلف وفلسفة أخرى .. تلومه ولسان حالها يصرخ : كيف تركتني في غيي طيلة ذلك العمر المديد ، غارقة في تلك المعاصي والذنوب ؟؟كيف سمحت للمدخلات السلبية أن تتمكن مني للدرجة التي وصلت فيها البرمجة السلبية إلى أن أصبح فيها نفس أمارة بالسوء ؟؟كيف سأقف بين يدي ربي ؟؟ماذا سأقول له ؟؟كيف سيكون حسابي بين يديه ؟؟هذه الدرجة التي لن نصل إليها إلا بإستمرار المجاهدة والحرص على إدخال العناصر والمكونات التي تساعد النفس على تنقيتها وانفلاتها من جواذب الطين لتحلق في أجواء الروح .3- النفس المطمئنة : نعم تصل الطائرة إلى الاستقرار في كبد السماء للدرجة التي لا تقبل معها زيادة في الارتفاع ، وبهذا نصل بالنفس إلى درجة الاطمئنان ، بمعنى أنها عرفت الحق واطمأنت به وله . وهي درجة نصل إليها بدوام المجاهدة الصارمة لرغبات النفس وشهواتها وإغواء الشيطان وتزيينه .
Top
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق